الأسطورة” وصاحب أرواح السبعة عماد عقل.
أشهر المطاردين الفلسطينيين بداية التسعينيات وإليه تُسند العديدُ من عمليات إطلاق النار من المسافة صفر.
وُلد عماد حسن إبراهيم عقل في 19 حزيران 1971، في مخيم جباليا شمال قطاع غزة . حصل على الترتيب الأول بالثانوية العامة على مستوى المخيم، واتجه لدراسة الصيدلة لكن اعتقاله عام 1988 لمدة عام ونصف ، بتهمة الانتماء للمقاومة وقيادة النشاطات المحلية ضد الاحتلال، أعاق مشروعه التعليمي.
بدأ عقل مشواره في مواجهة الاحتلال بالمشاركة في المظاهرات والفعاليات الشعبية وكتابة الشعارات المناهضة للاحتلال على الجدران، والتي تزامنت مع انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الأولى في الفترة نفسها .
لم يمض زمن طويل على تحرر عقل، حتى أعيد اعتقاله مجددا في آذار1990، ولمدة شهر هذه المرة.
لم يثنه الاعتقال عن قناعته الرافضة الاحتلال، واتجه هذه المرة للعمل العسكري في كنف المقاومة الفلسطينية ، فشارك في أولى المجموعات العسكرية شمالي القطاع والتي شُكلت لملاحقة العملاء، واتسعت لاحقا بأنحاء القطاع.
عام1991 أمسك الاحتلال بطرف خيط عن المجموعة، وبدأ ملاحقة عناصرها وتحديدا عقل الذي تحوّل إلى كابوس للصهاينة فأصبح “المطلوب رقم1” وفق تصنيف الاحتلال.
كانت أولى عمليات عقل العسكرية الكمين الذي نصبه لجنود الاحتلال في 4 أيار 1992، مستخدما بندقية “كارلو غوستاف” ومستهدفا قائد الشرطة الصهيوني بالقطاع يوسي آفني، لكنه لم يصب.
خطط عقل لأسر جندي من جيش الاحتلال أو أكثر، واستخدامهم في عملية تبادل للإفراج عن مقاومين، وعلى رأسهم الشهيد الشيخ أحمد ياسين، وحدد عقل كهفا في قرى الخليل لهذه المهمة.
رابين (رئيس وزراء الاحتلال- آنذاك) عرض على عائلة عقل أن يخرج ابنها إلى مصر أو الأردن على أن يعود بعد 3 سنوات، دون أن يُقدم إلى المحاكمة، لكن الرد جاء من هذا القائد نفسه “رابين لا يستطيع أن يمنع شاباً قرر أن يموت”.
وبالفعل واصل عقل نشاطه متنقلا بين غزة والخليل، فنفذ سلسلة عمليات بين عامي 1991 و 1993 قتل وأصاب فيها عددا من الصهاينة .
يوم الأَربعاء 24تشرين الثاني 1993، حوصر عقل في منزل بحي الشجاعية ، وخاض اشتباكا مع قوات الاحتلال حتى استشهد بعد أن أوقع قتلى وجرحى في صفوف القوة الصهيونية التي كانت تحاصر المنزل .
كان عقل يمتاز بـ “الذكاء الحاد والشجاعة والقوة”.و كان يستخدم نفس قطعة السلاح في تنفيذ عملياته في الضفة وغزة لندرة السلاح في ذلك الوقت .
عرف عن عماد سرعة تنفيذ عملياته ومن المسافة صفر، كانت أبرزها عملية استهداف قائد الشرطة في غزة، وهي أول عملية مصورة في تاريخ العمل الفلسطيني المقاوم”. و ما ميّز عقل أيضا “قدرته على تجميع عنصر الشباب حوله، فكان مقبولا ومحبوبا و لديه حلول وبدائل لكل مشكلة”.
من الأقوال التي يحفظها رفاق عقل، “اليوم الذي أطارد فيه ولا أنفذ فيه عملا أو أبادر بعمل هو خسارة”.
عقل نفذ نحو 40 عملية ضد أهداف صهيونية قتل خلالها 15 جنديًا وأصاب العشرات، فكان ذلك كافيا لوصفه بـ “الأسطورة” و ب “ذو الأرواح السبع” على لسان رابين.و ذلك بالاشارة إلى فشل عدة محاولات لاعتقاله أو اغتياله بالضفة و بإقامة حواجز عسكرية وحصار البيوت التي كان يتواجد بها.
شكّلت عمليات عقل مصدر إلهام لعشرات المقاومين الفلسطينيين منذ ذلك الحين. حتى مع تطور القدرات العسكرية إلى الصواريخ، فإن سلسلة عمليات منظمة وفردية تحاكي عملياته، عادت للظهور خلال الأعوام الأخيرة، لكن الفارق أن التطور التكنولوجي يسرّع تتبع المنفذين وملاحقتهم بالاعتقال أو الاغتيال.
تشبه عملية الفلسطيني عدي التميمي (23 عاما) على حاجز عسكري قرب مخيم شعفاط شرقي القدس في 8 تشرين الأول الماضي -إلى حد كبير- عمليات عقل، فقد استهدفت حاجزا عسكريا ومن المسافة صفر، وقتل وأصاب جنودا ثم انسحب بسلام.
ورغم المطاردة والانتشار العسكري المكثف بحثا عنه، خرج التميمي بعد 10 أيام في عملية أخرى على مدخل مستوطنة معاليه أدوميم شرقي القدس، ثم خاض اشتباكا وهو جريح، حتى استشهد.
إعداد وتقديم : كوثر صالح