القديرية
القديرية هو اسم القبيلة التي سكنت بلدة النويرية ، وهي قرية فلسطينية مهجرة في قضاء صفد ،أُنشئت مساكن القديرية في القسم الجنوبي الشرقي من جبال الجليل الأدنى على ارتفاع 140م عن سطح البحر ، تشرف القرية على بحيرة طبرية و كانت تبعد كيلومتراً واحداً تقريباً عن وادي العمود .
يمكن اعتبار قرية القديرية من الناحية الجغرافية هضبة مرتفعة تحيط بها الجبال من جهاتها الأربع, لذلك فإن إحدى التسميات التي تطلق على عشيرة القديرية هي ((عرب الجبل)).
تضم القرية خربة النويرية التي تحتوي على أبنية مزمولة، وبئر منقورة في الصخر وأكوام حجارة ومزار للشيخ الرومي في الجنوب الغربي من جب يوسف ، و في هذه الآثار دليل على أن الموقع كان آهلا أيام الرومان و البيزنطيين.
بلغ عدد السكان سنة 1948، (450) نسمة ظهر منهم الشيخ خالد “المعجل” ابو معجل” والشيخ خليل ابو شلة. اما خالد المعجل فكان مختارُهم واكثرهم نشاطا ، من ناحية اجتماعية ووطنية، حيث شارك في احداث الثورة ، خصوصا في معركة (جرن حلاوة) التي استشهد فيها القائد محمود خضر (ابو خضر).
في حزيران من صيف عام 1938، هاجم عبد الله الشاعر وفصيله دوريات إنجليزية في معركة أُطلق عليها اسم معركة “جرن حلاوة”، نسبة لموقعها بالقرب من جب يوسف على طريق طبريا – صفد، بعد إغلاقهم الطريق بحجارة أعاقت مركبات الجيش، وفيما هَمَّ الجنود الإنجليز لإزالة الحجارة، أمطرهم الثوار بالرصاص، مما اضطر الدورية لطلب النجدة التي وصلت بعد أقلّ من ساعة وحاصرت عبد الله الشاعر وفصيلَه، فاستنفرت له ومعه عُربانُ قرى ومضاربٌ عديدة ومنها القديرية ، فدارت معركةٌٌ كبيرة ، قُتل فيها العشرات من عساكر الإنجليز، واستُشهد فيها رشيد الشاعر، شقيق القائد عبد الله الشاعر.
ومن ثم هاجمت قوات الهاغاناه التي كانت متورطة في احتلال الجليل الشرقي القديرية يوم 4 أيار 1948 في سياق عملية يفتاح، وقد أدى الهجوم إلى طرد سكان القرية على يد الوحدات المحتلة، كما أن قائد جيش الإنقاذ العربي فوزي القاوقجي أتى في ذلك الزمن إلى ذكر احتلال القرية، إذ ورد في برقية له في اليوم التالي أن فوج اليرموك الثاني في جيش الإنقاذ دافع عن المنطقة. وكان الهجوم على القرية جزءاً من عملية فرعية سميت بعملية مطاطي التي صممت بهدف (كنس) الفلسطينيين من رقعة في وادي الأردن.
بعد احتلال القرية؛ أنشأ الاحتلال الصهيوني مستوطنة كاحل عام 1980 إلى الجنوب الشرقي من موقعها.
نزحت عشيرة القديرية الى سوريا ولبنان اثر نكبة 1948م واستقر معظمهُم في سوريا وخاصة في مخيمات درعا وسبينة واليرموك وخان الشيح.
قرية وأرض ورجال صناديد وابطال شجعان قارعوا المحتل البريطاني والعصابات الصهيونية واستشهد العديد من رجال القديرية حتى طاردتهم العصابات الصهيونية وأخرجتهم من فلسطين الى الجولان السوري وهناك تابعوا عملياتهم الفدائية البطولية حتى نكسة /1967/
كان صيف سنة 1938 يغلي حرُّهُ، لتغلي معه حرارةُ دماءِ ثوار صفد وريفها، حتى صاروا جميعا، مَطلوبين بالاسم، فكان شتاءُ ذلك العام، ومطلع العام الذي تلاه قارصًا بردُه، وساخنا بحكايا المُطارَدة والتعقّب والاختفاء، ليلوذ فدائيو صفد خلف ثوريةِ أسمائهم، مُستحكمين بشتاءِ بلادهم، في ذاكرة التحَمَت فيها ليالي البرد والبارود معا.
واليوم، تتبعثر أنقاضُ المنازل في أنحاء الموقع الذي غلبت عليه الحشائشُ والنباتاتُ البرية، ولا يزال الغطاء الأسمنتي لإحدى الآبار باقيا.
إعداد وتقديم : كوثر صالح .

