فلسطين أم البدايات

باب المغاربة أحد أبواب المسجد الأقصى الغربية

عُدّت القدس مدينة عالمية مفتوحة، متعددة الثقافات والمشارب، تفتح ذراعيها للقادمين دون تعصب أو تمييز، ويؤم مسجدُها الأقصى الهندي والعراقي والمصري والمغربي، ويعتلي منصب القضاء فيها الشامي والخراساني والأناضولي دون تفريق.
كانت القدس عبر التاريخ مقصدا للمغاربة و محطاً لشوقهم و رحالهم واهتمامهم ، متأثرين بمكانتها الدينية المعروفة ، وبما ورد عنها وفيها من آيات قرآنية عديدة ، وأحاديث نبوية ، غدت مذ دخل الإسلام المغرب مقاما للكثيرين من العلماء والوجوه والزهاد المغاربة الذين فرضوا وجودَهم ومكانتهم على المكان ، و غدت المدينة أرضاً يصبوا الكثيرون منهم إلى العيش فيها لمجاورة الحرم الشريف بقية عمرهم إلى أن يلقوا وجه بارئهم و يدفنوا فيها.

لم يكن الدافع الوحيد الذي أتى بالمغاربة إلى القدس مجاورةُ الأقصى ، أو مكانتها الدينية أو الحجُ إليها استكمالا لحجهم إلى الأراضي المقدسة في الحجاز ، بل كان هناك دافعٌ عظيمٌ آخر هو الجهادُ في سبيل الله والدفاع عن المدينة والذود عنها خلال الحروب الصليبية.
باب المغاربة
سُمي بباب المغاربة ، نسبة إلى حارة المغاربة الواقعة خارجه، وهي الحارة التي جاور بها المجاهدون المغاربة الذين قدموا من شمال افريقيا للفتح الصلاحي.
وهي تسمية تطلق على بابين في مدينة القدس؛ أحدُهما في السور الجنوبي للبلدة القديمة، والآخر أحد أبواب المسجد الأقصى الغربية، وتعود التسمية إلى أصول قاطني حي المغاربة المدمر القادمين من بلاد المغرب.
في 29 تموز 2001، فشلت محاولة مجموعة صهيونية في وضع حجر أساس الهيكل الثالث في باب المغاربة بعد أن تصدى ابناء الشعب الفلسطيني لها ما أدى إلى اندلاع مواجهات عنيفة في ساحات المسجد الأقصى.

عرف هذا الباب أيضًا باسمي «باب البراق» و«باب النبي»، حيث يعتقد أن سيدنا محمد (ص) قد دخل منه للمسجد الأقصى ليلة الإسراء والمعراج، كما يَعتقد بعض المؤرخين أن الخليفة عُمر بن الخطاب دخل من ناحيته إلى الأقصى أيضا بعد الفتح.
هذا وقد أعيد البناء الحالي لهذا الباب في الفترة المملوكية، في عهد سلطان مصر الملك الناصر محمد بن قلاوون في سنة 713 هجرية ، و هو أقرب الأبواب إلى حائط البراق، كان في البداية باب صغير ثم تم توسيعه.
يصل الباب إلى مدينة داود، نبع الجيحون، بِركة سلوان وإلى قرية سلوان.

حينما سئِل صلاح الدين من قبل حاشيته عن سبب إسكان المغاربة بهذه المنطقة، أي عند السور الغربي للمسجد الأقصى، وهي منطقة سهلية يمكن أن يعود منها الصليبيون مجددًا، كون الجهات الثلاث الأخرى وعرة، أجاب بقوله: “أسكنت هناك من يثبتون في البر، ويبطشون في البحر، من أستأمنهم على هذا المسجد العظيم، وهذه المدينة”.

وحين سُئل صلاح الدين عن سبب تمسكه بالمغاربة، وطلبه منهم البقاء في القدس، وبناءِ حي خاص بهم، فقد أجابَ بأن المغاربةَ قوم “يعملون في البحر ويفتكون في البر”، أشداءُ على الكفار، لا يخافون طرفة عين في الدفاع عن المسلمين ومقدساتهم.

يقع الباب بجانب حارة المغاربة، وهي من أشهر الحارات الموجودة في البلدة القديمة بالقدس، ويرجع جزء من شهرة الحارة إلى إقدام كيان الاحتلال على تسويتها بالأرض بعيد احتلال القدس عام 1967، حيث حوَّلتها قوات الاحتلال إلى ساحة سمتها «ساحة المبكى» لخدمة اليهود عند حائط البراق.
و منذ ذلك التاريخ تحولت إلى ساحة يدنسونها كل يوم تقابل حائط البراق الذي يدعون قدسيته في ديانتهم . وقد بلغت بهم العجلة في إتمام الهدم أن هدموا منازلَ عديدة على من فيها من مسنين وعجزة تعذر عليهم إخلاؤها في الحيز الزمني الضيق الذي أعطي لهم .

كوثر صالح

باب المغاربة

اترك تعليقاً