يوم الارض الخالد

يتصادف يوم الارض المباركة لهذا العام مع الشهر المبارك
يُعتبر “يوم الأرض الخالد” أول مواجهة مباشرة لأاهلنا في أراضينيا الفلسطينية المحتلة عام 48 مع الجيش الصهيوني منذ النكبة.
جاءت أحداث يوم الأرض بعد قرار الحكومة الصهيونية برئاسة إسحاق رابين ووزير الأمن شمعون بيرس، تحريك مخطط التهويد والاستيطان في الجليل بمصادرة 21 ألف دونم من أراضي التي تعود ملكيتها لمزارعين من سخنين وعرابة ودير حنا وعرب السواعد.

في أعقاب القرار الصهيوني اجتمعت لجنة الدفاع عن الأراضي في الداخل مع رؤساء البلديات المحلية العربية لبحث سبل التصدي لقرار المصادرة ومخططات التهويد والاستيطان في الجليل. وفي إجراء أولي أعلن المجتمعون الإضراب العام في الداخل الفلسطيني يوم 30 آذار 1976.
في صباح الإضراب، فرضت سلطات العدو حظر تجول على أهلنا في الداخل عام 48 في الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية، وكان هذا استباقا للاحتجاجات والمظاهرات التي أعلنت عنها القيادات العربية ولجنة الدفاع عن الأراضي، والتي تشكلت عام 1975 برئاسة القس شحادة شحادة، لمواجهة مخطط التهويد والاستيطان في الجليل.
اعتبر أهلنا في الداخل قرارات المصادرة تهديدا وجوديا لهم أعاد إلى أذهانهم مشاهد النكبة وفصول التهجير.
واتخذت حكومة رابين قرارا بإدخال جنود الجيش الصهيوني لقمع المظاهرات وكسر الإضراب، وخاصة في دير حنا وعرابة وسخنين، وهي المنطقة التي أشعلت الشرارة الأولى للأحداث وصارت تُسمى “مثلث يوم الأرض”.
بشكل استباقي، قمع جيش العدو مظاهرة ليلية انطلقت من بلدة دير حنا، لكنه فشل في السيطرة على الاحتجاجات والمواجهات التي تواصلت حتى فجر 30 آذار 1976 في بلدة عرابة المجاورة.
حاصرت القوات الصهيونية عرابة بالدبابات، واستخدمت الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي لقمع المظاهرات التي بدأت مبكرا، فاستشهد ابن البلدة خير ياسين، وكان أول شهيد في يوم الأرض.
بعد انتشار نبأ استشهاد ياسين، انطلقت مظاهرات الفلسطينيين في كل الجليل والمثلث والنقب.

في ذكرى يوم الأرض تتعانق الروح مع الجسد

في امتداد الأغنية المعبأة برائحة الجذور وعمقها، تأتي الأرض لتكون العرس والزغرودة والصوت والمدى، وما يوم الأرض الذي انطلق صرخة مدوية في الثلاثين من آذار ـ مطلقاً عرس شهدائه: خير ياسين، رجا أبو ريا، رأفت الزهيري، خديجة شواهنه، خضر خلايله، ومحسن طه ـ إلا المرآة التي عكست بصدق شدة تعلق الفلسطيني على مرّ الزمان بهذه الأرض التي جعل مهرها دماً وروحاً ودفق شريان.

في شهر آذار، في سنة الإنتفاضة، قالت لنا الأرضُ أسرارها الدموية. في شهر آذار مرّت أمام البنفسج والبندقيّة خمس بنات. وقفن على باب مدرسة إبتدائية، واشتعلن مع الورد والزعتر البلديّ. افتتحن نشيد التراب. دخلن العناق النهائي ? آذار يأتي إلى الأرض من باطن الأرض يأتي، العصافيرُ مدّت مناقيرها في اتّجاه النشيد وقلبي.
أنا الأرض
والأرض أنت
خديجةُ! لا تغلقي الباب
لا تدخلي في الغياب
سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل
سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل
سنطردهم من هواء الجليل.

في شهر آذار زوّجتُ الأرضُ أشجارها.
كأنّي أعود إلى ما مضى
كأنّي أسيرُ أمامي
وبين البلاط وبين الرضا
أعيدُ انسجامي
أنا ولد الكلمات البسيطة
وشهيدُ الخريطة
أنا زهرةُ المشمش العائلية.
فيا أيّها القابضون على طرف المستحيل
من البدء حتّى الجليل
أعيدوا إليّ يديّ
أعيدوا إليّ الهويّة!

أنا الأرض..
يا أيّها الذاهبون إلى حبّة القمح في مهدها
احرثوا جسدي!
أيّها الذاهبون إلى صخرة القدس
مرّوا على جسدي
أيّها العابرون على جسدي
لن تمرّوا
أنا الأرضُ في جسدٍ
أنا الأرض في صحوها
أنا الأرض. يا أيّها العابرون على الأرض في صحوها
لن تمرّوا!
إعداد وتقديم : كوثر صالح .